كيف تحارب العلاقات العامة الشائعات والخرافات والمعلومات المضللة في عالم الشركات؟
في عالم الإنترنت، حيث الزخم المعلوماتيّ المستمر -صحيحه وخاطئه- برزت في نهضتنا الرقمية الجديدة ظاهرة تُدعى (الأخبار المزيفة)، والتي أثّرت كثيرًا على إدراكنا وتفريقنا بين الحقيقة والزيف، فحسب دراسةٍ مختصة في هذا المجال، فإن ما نسبته 63% من الناس لا يميّزون بين الحقيقة والخيال على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي؛ وذلك لأنها أسهمت في نشر كثيرٍ من القصص الكاذبة، والشائعات، ونظريات المؤامرة، والقصص غير العلمية، وستجدها على أكبر المنصات كـفيس بوك، ويوتيوب وواتس آب (تذكّر مجموعة العائلة التي تزخر بمعلومات مجهولة المصدر)؛ وهو ما أدى إلى أن تعيش الشائعات والخرافات، وتنتقل التحذيرات الخاطئة وبالتالي تُتخذ قرارات غير صحيحة (تذكّر كيف أحجمت عن تلقّي اللقاح لأنه يحمل شريحة إلكترونية!).
يدرك مختصو العلاقات العامة جيّدًا أثر انتشار مثل تلك المعلومات المضلّلة في عالم الشركات، وتبعاته التي تصل إلى التخوّف وعدم الثقة في العلامة التجارية، وهذا الموقف يتطلّب من الشركات تواصلًا فعّالًا، واستعدادًا للتصدي لمثل تلك الشائعات، وألّا تكتفي بمجرد المراقبة؛ فمثل تلك المعلومات المضللة قد يطال الموظفين الذين يعملون في المنشأة، وقد يبدؤون بالتساؤل والبحث عن صحة المعلومات التي تنتشر، والاطمئنان على أوضاعهم والدفاع عنهم، كما أن أصحاب المصلحة والجمهور المستهدف سيتوجهون بالأسئلة إلى الشركة؛ لاستجلاء الحقيقة، وهنا يظهر دور العلاقات العامة في إدارة الأزمات.
فحين يكون لدى الشركة علاقات عامة قوية، وخطط تواصل للأزمات فإنها ستكون أفضل استجابة وأسرع معالجةً للأوقات التي تُنشر فيها معلومات زائفة، أو أخبار خاطئة، كما أنها ستتحكم بالسرد المتعلق بالعلامة التجارية.
ولانتشار تلك الظاهرة جانبان: مظلم، ومشرق؛ فقد شكّلت ضغطًا على ممارسي العلاقات العامة، بتسليطها الضوء على دورهم خلال تلك الأزمات، وجعلهم حذرين دائمًا ومستعدين لتوضيح الحقائق في كل منصة من منصات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام والإنترنت، أما جانبها المشرق فتمثّل في زيادة الحرص على تتبع الحقائق والدقة في التحقق من صحتها؛ ما أدى إلى ضبط ما يُنشر وظهور قصص مدروسة جيدًا؛ ما عزّز ثقة الجمهور في العلامة التجارية، وبنى سمعةً إيجابيةً للشركات التي انتهجت التحقق من المعلومات استراتيجيةً في عملها.
ويبقى السؤال: كيف تُدار أزمة الخرافات والشائعات والمعلومات المضللة في مجال العلاقات العامة؟
ادحض الادعاءات الكاذبة بطريقتين: إنكار واضح ومباشر وقصير للمعلومة المغلوطة، أو تقديم تفسير واضح ومفصّل بدل الإنكار، والأخير أكثر فعالية من الأول؛ فالشرح المفصّل والدفاع المدعوم بمعلومات إضافية أكثر إقناعًا وإفهامًا للناس بحيثيات المشكلة.
كرّر المعلومات الصحيحة، وكثّف تصحيح الشائعات؛ فالتكرار يجعل من المعلومة حقيقة مألوفة لدى الجمهور، ويرفع احتمالية صحة المعلومة المكررة -كما أن التكرار للشائعات يرسّخها-، عليك أن تتبع أسلوب (داوِها بالتي كانت هي الداء)، وتكرّر التصحيح والتوضيح أو عرض المعلومة الصحيحة والحجج والتفسيرات؛ وهو ما سيعزز الثقة بدقة بياناتك ويزعزع الثقة بالمعلومات غير الواضحة، وهذا التصحيح قد يكون على شكل: استخدام رسوم بيانيّة، أو أرقام إحصائية، أو رسوم معلوماتيّة؛ لأنها جذابة للعين وأسهل للفهم من النص العاديّ.
لا تتأخر في الرد على المعلومات المضللة، فيجب أن يعمل مختص العلاقات العامة استباقيًّا على الرد والتفنيد لما يتوقع سوء الفهم فيه، وكلما طالت مدة انتشار الشائعات وتداولها بلا دحض؛ زاد احتمال عدّها حقيقة.
لا تكتفِ بالتصحيح على منصةٍ واحدة: فلا تظن أن الرد على شبكة الإنترنت أو وسائل الاتصال كافٍ لدحض الشبهات، وخاصةً لو تداولت منصات أخرى المعلومات الخاطئة نفسها كالتلفاز، والصحف. هنا على فريق العلاقات العامة للشركة المتضررة التواصل بمحرري الصحيفة أو القناة التلفزيونية أو كتابها، وطلب تصحيح المعلومة عبر منصة معينة، وكذلك يمكن للعلامات التجارية إصدار تصريحها بالتصحيح للجمهور عبر موقعها الإلكترونيّ الرسمي بدلًا من إصدار بيان صحفيّ عام، أما عن إدارة الأزمة داخليًّا فيُمكن أن تستخدم وسائل عدة لإبلاغ الموظفين بالمعلومات الصحيحة، مثل: الرسائل النصية، ورسائل البريد الإلكتروني، ونشرات المكتب.
حوّل الأزمة إلى فرصة! فلأن الشائعات والمعلومات الخاطئة وُجدت لتبقى؛ عليك أن تستبق الحدث وتعد لحملات إعلامية، واتصالات شفافة مع جمهورك المستهدف مستعملًا العلاقات العامة؛ لكسب ثقتهم، ومد جسر التواصل والعلاقات لأطول مدة؛ وهذا أحد أهم أهداف العلاقات العامة.
TAGS