<

واجهت صناعة الطيران في العالم تحديات متعددة ومختلفة خلال العقد الماضي حتى قبل أن تضطر شركات الطيران العالمية للتعامل مع الارتفاع الهائل في أسعار الوقود، والركود، والمنافسة الشرسة. ومع أزمة جائحة فيروس كوفيد-19 وفرض إجراءات الحظر المشددة في كثير من الدول حول العالم، والتي شملت تقييد السفر، بل وإيقاف جميع الرحلات في بعض الدول؛ مما أدى لإلغاء اضطراري لجميع الحجوزات، والتوقّف عن إجراء حجوزات جديدة إلى أجل غير مسمى. وهكذا وجدت شركات الطيران نفسها في مواجهة توقّف تام عن العمل؛ فاندفعت لمحاولة فهم الأزمة التي تهددها، والتفكير في حلول عاجلة لها، وكان السؤال الذي واجههم بشكل فوري: كيف نتواصل مع عملائنا وأصحاب المصلحة، وبماذا نخبرهم؟

هنا تصبح الطريقة التي تتواصل بها شركات الطيران أثناء الجائحة وبعدها محوريّة للغاية وقد تحدد أيضاً قدرة الشركة على أن تصبح الوجهة الأولى للعديد من العملاء المحتملين الذي ينتظرون انتهاء الجائحة؛ لينفذوا خطط سفرهم. وكحال العلامات التجارية الأخرى، من المهم لشركات الطيران أن تبقى على تواصل مع عملائها مع استمرار الأزمة، وأن تكون على قدر المنافسة الشرسة؛ لإبراز حضورها عبر الشبكة الافتراضية، وجذب اهتمام العملاء نحوها؛ عبر خطط تواصل تتمّيز بالابتكار، وثراء المعلومات.

خلال الأشهر القليلة الماضية، شهدنا انتهاج شركات الطيران أساليب مختلفة للتواصل مع العملاء وأصحاب المصلحة. فمع إلغاء جميع الرحلات الجوية، لجأت بعض شركات الطيران إلى التركيز على التعليم والترفيه؛ لتبقى قريبة من عملائها. على سبيل المثال: لجأ (طيران الاتحاد) إلى تعيين طاقم دولي؛ لتقديم دروس لغة مبسطة في عدد من اللغات العالميّة منها: الفرنسية، والإسبانية، والعربية عبر مقاطع فيديو قصيرة. كما نشرت (فيرجن أتلانتيك) قصصًا على موقع إنستغرام للأطفال؛ تهدف إلى تثقيفهم عن التفاصيل الداخلية؛ للعمل في مجال الطيران.

وبينما سعت بعض شركات الطيران إلى تأجيل حملاتها التسويقيّة، انتهزت شركات أخرى الفرصة؛ لتعزيز جهودها التسويقية، وأنشطتها على منصات التواصل الاجتماعي؛ من خلال حملات ترويجية تهدف إلى نشر مشاعر إيجابية، وتشجيع الناس على السفر معهم بمجرد استئناف رحلات السفر مرة أخرى. على سبيل المثال: أعلنت (الخطوط الجوية القطرية) عن سياسة مرنة للحجوزات تسمح للعملاء بتغيير وجهتهم إلى أي مدينة في شبكتها تقع ضمن 5000 ميل من الوجهة الأصلية للحجز الأول دون أي رسوم إضافية. كما منحت شركة S7 Airlines أعضاء برنامجها (المسافر الدائم) أميالًا جويّة عن كل يوم التزموا فيه بالبقاء في البيت.

وعلى صعيد آخر، استخدم الناقل الوطني في المملكة – الخطوط الجوية العربية السعودية – منصاته عبر شبكات التواصل الاجتماعي؛ لنشر الوعي بإجراءات السفر الآمن، وسلطت الشركة الضوء على أهمية ارتداء الكمامات الطبية، وحثّ الناس على الالتزام بالمسافة الآمنة، فضلاً عن استعراض الاحتياطات التي اتخذتها شركة الطيران؛ لضمان سلامة السفر.

مع زيادة الطلب على السفر الجوي العالمي في العقد الماضي، كان هناك ارتفاع في عدد شركات الطيران في جميع أنحاء العالم؛ ما جعل المنافسة في القطاع في غاية الشراسة، وأصبح معيارها الأول توفير خدمات ذات جودة عالية، وهو ما يعني أن إرضاء العميل، وتحفيز ولائه هما عنصران حيويّان في العمل. في حين أن مبادرات مثل: برامج المسافر الدائم، والخصومات، والتحسينات التي تطرأ على الخدمة لها تأثير محدود على العملاء، فإن تعزيز خطط التواصل الفعالة لإبقائهم على اتصال دائم مع الشركة هو ما سيعطيها ميزة على منافسيها في قطاع تنافسيّ.

في الواقع، تحتاج شركات الطيران إلى استراتيجية تواصل تتمحور حول العملاء؛ لخلق روابط قوية معهم، وهو ما سينتج عنه في النهاية تحسين خدمة العملاء، وتعزيز الكفاءة التشغيلية.

ومع الصعوبة التي امتاز بها العام الماضي، ومواجهة كثير من التحديات الغامضة التي تلوح في الأفق، قد تضطر بعض شركات الطيران إلى الإغلاق التام. وهذا يزيد من صعوبة المهمة التي تنتظر مختصي العلاقات العامة والتواصل في قطاع الطيران، إذ إنهم بحاجة إلى إنتاج محتوى إعلامي جذاب، بالإضافة إلى إبراز قيادة شركاتهم، ومجهوداتها خلال الأزمة، والأهم من ذلك: الاحتفاظ باللمسة الشخصية في جميع خطط تواصلهم مع العملاء؛ فلا أحد يريد قراءة الرسائل الآلية.

TAGS

 

 

Default Comment (0) Facebook Comment ()

Your email address will not be published.

[wpdevart_facebook_comment curent_url="http://developers.facebook.com/docs/plugins/comments/" order_type="social" title_text_color="#000000" title_text_font_size="22" title_text_font_famely="monospace" title_text_position="left" width="100%" bg_color="#d4d4d4" animation_effect="random" count_of_comments="2" ]