شهد قطاع العلاقات العامة في السنوات القليلة الماضية تحولاً دراماتيكيًا نوعيًا؛ بسبب التطورات التقنية الكبيرة، وما أحدثه ذلك من تأثير مباشر وغير مباشر على أنشطة هذا المجال، وهو ما دفع خبراءه – مع الأسف الشديد- إلى التسرع في الإعلان عن وفاة “ممارسات العلاقات العامة التقليدية”، إلا أن تسرعهم هذا لم يكن في محله أبدًا.
هناك بعض الفروق بين عالم العلاقات العامة التقليدي والرقمي، حيث تركز الأولى على القنوات الكلاسيكية، مثل: “الصحافة، والتلفزيون، والإذاعة”، في حين تستهدف الثانية الشبكة الافتراضية، مثل: “مواقع الويب، ومنصات التواصل الاجتماعي، والمدونات، والحملات الرقمية المؤثرة، وبوابات الفيديو ..إلخ”.
من المهم أن نعلم أن الهدف واحد في المسارين؛ وهو دعم انتشار العلامة التجارية، وزيادة التفاعل، ومشاركة العملاء بشكل إيجابي، كما أن هناك مستوى معين من التداخل بين العلاقات العامة التقليدية والعلاقات العامة الرقمية، وسنركز في هذه التدوينة على بعض الأنشطة الكلاسيكية التي ما زالت تتمتع بفاعلية كبيرة وهي :
- البيانات الصحفية: منذ مدة ليست بالقصيرة، ونحن نقرأ ونسمع خطابات النعي على الإعلام التقليدي، والمقصود بذلك الصحافة الورقية، وصحيح أن وسائل الاعلام التقليدية تضررت وتوقف بعضها عن الطباعة، إلا أن هناك من ولجت واستثمرت نفسها في الإعلام الرقمي، وعلينا أن نواجهه حقيقة واقعية، وهي أن الصحافة ما زالت محتفظة بمكانتها المرموقة وتأثيرها، حيث لا يزال عدد غير قليل من المعلنين يفضلونها عن غيرها من المسارات الرقمية، لذا فإن نشر التعريف بشركتك في مجلة رائدة، أو نشر بيان صحفي حول إطلاق منتجك الجديد في صحيفة محلية فكرة جيدة وليست سيئة.
- العلاقات الإعلامية: تعد إدارة العلاقات مع الصحفيين والمحررين والكتاب بشكل جيد عنصرًا أساسيًّا وفعالًا لإظهار علامتك التجارية في وسائل الإعلام؛ لذا يجب أن يكون الهدف من ذلك بناء علاقات عميقة وطويلة الأمد معهم، مما يُمكِّنك من نشر بياناتك الصحفية أو قصصك الإعلامية بسهولة، كما سيكون لذلك دورًا أساسيًّا في إدارة الأزمات. ومع ظهور العلاقات العامة الرقمية مؤخرًا، فقد أصبح لزاماً عليك بناء علاقات مع الشخصيات المؤثرة (إنفلونسرز) والمدونين وإضافتهم إلى قائمة جهات اتصالك الإعلامية.
- رصد ومتابعة وسائل الإعلام: سيظل هذا النشاط مهمًا وفعالًا على الدوام، ومثلما هو الحال مع وسائل الإعلام التقليدية؛ حيث لا بد من متابعة ورصد كل ما يقال عن علامتك التجارية في الصحف ووسائل الإعلام عمومًا، لذا يجب على متخصصي العلاقات العامة مراقبة كل ما يقال عنك على الإنترنت، ومنصات التواصل الاجتماعي، وتحليلها؛ لحماية شركتك من أي تهديدات مستقبلية، وللمساعدة في تحسين وتقوية السمعة الإيجابية، إنّ رصد ومتابعة العلاقات العامة الرقمية أسهل بكثير مما هي عليه في العلاقات العامة التقليدية، بفضل بعض الأدوات والمؤشرات عبر الإنترنت مثل: Google Analytics التي تساعد على التحليل بكل سهولة.
- النشرات الإخبارية (Newsletter): تعد النشرات الإخبارية الشهرية، أو نصف السنوية أو السنوية طريقة رائعة لإبقاء عملائك على اطلاع بكل منتجاتك الجديدة، وخدماتك، ومؤخرًا استُبدِلت بالرسائل الاخبارية عبر البريد الإلكتروني، أو الرسائل المطبوعة أو البروشورات، وهذه صورة أخرى من صور المزج الناجح بين النهجين التقليدي والرقمي في العلاقات العامة.
- الفعاليات وعروض الرعاية (Sponsorship): تعد الفعاليات (الإيفنتات) كالمؤتمرات الصحفية، والندوات والمنتديات، والمعارض التجارية مفيدة لعلامتك التجارية، حيث تمنحك الفرصة للترويج عن منتج جديد، ويمكن للشركات إرسال مسؤوليها التنفيذيين بوصفهم متحدثين عنها، وهو ما يزيد من ثقة العملاء الحاليين وولائهم، واجتذاب العملاء الجدد، كما أثبتت عروض الرعاية من العلاقات العامة التقليدية جدواها في ترويج العلامات التجارية، فيمكن لها الحصول على هذه العروض من خلال الدفع النقدي أو توفير بعض منتجاتها مجانًا للحضور. وفي المقابل ستحظى بعرض تقديمي للعملاء أو إضافة شعارها على بطاقات الدعوة أو لافتات الحدث (الإيفنت) وكلها جيدة؛ لزيادة حضور العلامة التجارية وانتشارها.
- زيادة تفاعل الموظفين: الموظفون هم سفراء الشركة/العلامة التجارية لعموم المجتمع، وهذا سبب كافٍ للحفاظ على علاقات جيدة معهم، وهو جزء مهم من خطط واستراتيجيات أي شركة ناجحة.
- العلاقات المجتمعية: تتعلم الشركات أهمية الإسهامات المجتمعية، من خلال وضع استراتيجية المسؤولية الاجتماعية (CSR)، والتي بموجبها تقدم الشركة دعمها التكافلي والتطوعي؛ وهو ما ينمي من أهداف الاستدامة، وتحسين نظرة المجتمع المحلي إليها.
TAGS