عيد “اللمة” الحجازية.. دلالات الفرح الشعبي
عيدكم مبارك.. وعادت أعيادكم بالخير والمسرّات، يعود علينا العيد بلقاء الأحبة مع ضرورات التباعد الاجتماعي، والأخذ بالاحتياطات الاحترازية؛ حتى يرفع الله عنا وباء “كورونا” وتبعاته.
من أولى دلالات عيد الفطر المبارك: “لمّة الأهل والأحبة”، بعد أن يتعالى صوت التكبيرات في كل مكان صباح يوم العيد، ونجد أفراد العائلة بصغيرها وكبيرها يتسابقون إلى حجز مواقعهم في المصليات “المشهد”.
تبدأ العائلات الحجازية من أواخر شهر رمضان بالاستعداد لاحتفالات عيد الفطر، من تجهيز الملابس التي سيرتدونها في أيام العيد والحلويات التي سيقدمونها، وعلى الرغم من يسرها، إلا أنها تضفي جمالاً مميزاً علي العيد.
ويزيدهم شوقًا للقاء الأحبة والأقارب بعد الانتهاء من الصلاة: تبادل التهاني والهدايا في بيت الجد أو كبير العائلة، ومن الواجبات التي يحرص عليها أهل منطقة الحجاز في عيد الفطر المبارك: تناول وجبة الفطور، ولهم فيها عادات مختلفة.
دبيازة/ دبياجة العيد وحلاوة اللدو:
هناك أنواع مختلفة من الأطباق التي يحرص عليها أهل الحجاز عند مد “سُفر” موائد عيد الفطر المبارك، مثل: “الدبيازة” وهي حلوى حجازية قديمة جدًا، وهي من الأطباق التي ارتبطت بإفطار العيد في المنطقة، فهي عبارة عن قمر الدين، واللوز الحجازي، والمشمش، وحبات التمر المجفف، والمطيبات الأخرى، مثل: القرفة والهيل، وتفضّل العوائل صنعها منزليًا، وتختلف في إعدادها وتقديمها، وهي حلوى تستحق أن تجرّبها حتمًا.
وتُعدّ “التعتيمة” الوجبة المفضلة في أعياد أهالي المدينة المنورة، ومكة المكرمة، وهي عبارة مجموعة من الأطباق، منها: الأجبان والمش الحجازي، وحلاوة الطحينية والزيتون المعدة بنكهات مختلفة، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من المخللات الباردة، والحارة، والفول، وأنواع من الحلويات الحجازية، كاللدو واللبنية، والمربيات بمختلف أنواعها، وأشهرها مربى القرع المسمّى “مربة ششني”.
إقفال الشوارع والحواري وقت الأعياد والمناسبات وفرش المنطقة بالكامل:
يحرص أهل منطقة الحجاز على إقفال الشوارع والحواري وقت الأعياد والمناسبات وفرش المنطقة بالكامل، امتدادًا لاحتفالات استقبال رمضان، لذلك ستجد الشوارع مزدانة بالزينة مفروشةً للاحتفالات.
كما اعتاد أهالي الحجاز على لعب المزمار في العيد، وهو الركن الأول لمعايدة أهالي الأحياء، وخاصة في مكة المكرمة، حيث اشتهرت بعض الأحياء بلعب المزمار بشكل سنوي ومستمر طيلة أيام العيد الثلاثة الأولى، رغم طول وقت اللعب الذي يتجاوز في بعض الأحيان لثلاث ساعات، ويبقى الجمهور مستمتعًا بهذه اللعبة، ولا يغادر الموقع إلا بعد انتهاء المزمار.
والمزمار رقصة شعبية حجازية تنتشر في مدن الحجاز في حفلاتهم ومناسباتهم، وهو لعبة شعبية توقد فيها النار من الحطب أو الخشب ويتحلق حولها الجمهور، وعلى مقربة منها يجلس مجموعة من الرجال مستخدمين مختلف الطبال فهم يستخدمون طبل الجلد ويستخدمون الطار، والنقرزان يفصل بين الرجال والنار صفان من اللاعبين يرددون أهازيج الفخر، والمديح خلف “الزومال” وهو المغني الرئيس في اللعبة، وتستخدم العصا بكل احترافية في المزمار.
العيد الحجازي.. تاريخ عريق، ورونق متوارث
أستطيع التأكيد اليوم وفي ظل التوسع في التكنولوجيا المتقدمة، واتساع دائرة استخدام المنصات الاجتماعية، بأن “العيد الحجازي” لم يفقد جماله أو رونقه على الإطلاق، وهو ما جاء ضمنيًا في الامتداد التاريخي في رصد المستشرق الهولندي “كرستيان سنوك هورخرونيه” – سمي لاحقًا بالحاج عبد الغفار بعد إسلامه- مظاهر احتفاء أهالي مكة المكرمة قبل أكثر من 100 عام، بقدوم عيد الفطر المبارك، والاستعدادات التي يبذلها أهالي المدينة -التي يقدسها جميع المسلمين- لاستقبال هذه المناسبة الدينية، ونقل كثير من عادات وتقاليد أهالي المدينة المقدسة وزوراها، وكان أهم ما جاء في رصده: الفرحة الملازمة للسكان والأهالي، وكيفية استقبال المكيين للعيد بالحماس نفسه الذي استقبل به شهر رمضان، حيث ينتظرون رؤية هلال شهر شوال، ويجتمعون لهذا الغرض في المسجد الحرام ليلة التاسع والعشرين، وكل منهم ينظر للسماء؛ بهدف رؤية الهلال، وفي حال رؤيته يسري خبره في البيوت كالنار في الهشيم، وكذا رصد الناس وهم ينظفون السجاد، ويضعون اللمسات الأخيرة في تنظيف البيوت، مشيرًا أنه رأى الأهالي يقومون بتجديد ما تلف من النوافذ..
كل عام وأنتم بخير وعيدكم مبارك.
TAGS