اليوم وأكثر من أي وقت مضى، تجد الشركات نفسها مضطرة للاعتماد على حماس وتفاعل والتزام موظفيها للاستمرار في ظل الجائحة العالمية. وفي وقت أصبح فيه “العمل من المنزل” هو “الطبيعة الجديدة للأعمال”، تحتاج الشركات الى أن تكّيف سياسات الاتصال الداخلي لديها؛ لتناسب المتغيرات الجديدة في مكان العمل.
لم تقتصر خطورة تفشي فيروس كوفيد-19 على صحة الإنسان فحسب، ولكنها طالت أيضاً، وتسببت بمزيد من انخفاض مستوى النمو الاقتصادي في العديد من الدول. ولجأت كثير من الشركات -التي باتت تواجه احتمالات الإغلاق؛ نظراً لانخفاض الأنشطة التجارية- إلى اجراءات تقشفية، مثل: تسريح الموظفين، أو تخفيض رواتبهم.
وفي هذه الظروف، يزداد شعور الموظفين بالإجهاد، والتوتر في ظل ضبابية المستقبل، ومشاعر القلق السائدة؛ مما يتسبب في انخفاض نشاطهم، وتفاعلهم لتحقيق أهداف الشركة ونجاحها. وهو ما يُحتم على الشركات بذل المزيد من الجهود؛ لإنشاء خطة للتواصل الداخلي الفعال، يكون من شأنها رفع الروح المعنوية للموظفين وتحفيزهم.
إن البقاء على اتصال افتراضي بالموظفين البعيدين، والمعزولين يسهم بشكل كبير في حماية صحتهم العقلية، وإبقائهم متحمسين للعمل؛ مما يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة الإنتاجية في العمل.
وبهذه المناسبة، نشرت W7Worldwide مؤخرًا استطلاعًا على موقع التواصل الاجتماعي الشهير Twitter طرحت فيه تساؤلاً موجهاً لمختصي العلاقات العامة في السعودية حول خططهم للاتصال الداخلي لضمان استمرارية أعمالهم في ظل الأزمة التي فرضتها الجائحة العالمية.
الاستطلاع الذي طُرِح باللغتين العربية والإنجليزية، وضع أربعة خيارات للمشاركين على النحو التالي: تواصل الرئيس التنفيذي، التوعية المطمئنة، توضيح المستجدات، جميع ما ذكر.
ومن مجموع 4,047 من المشاركين، فإن الغالبية العظمى من المشاركين باللغة العربية (56.7%) وحوالي 31.9% من المشاركين باللغة الإنجليزية اختاروا الخيار الأخير (جميع ما سبق)، بينما اختار ما نسبته 22.2% من المشاركين باللغة الإنجليزية وحوالي 10% من المشاركين باللغة العربية خيار (تواصل الرئيس التنفيذي). وبالمقابل فإن ما يقارب 22.8 من المشاركين باللغة الإنجليزية و17.8% من المشاركين باللغة العربية اختاروا (التوعية المطمئنة). وأخيراً، فإن 23.2 من المشاركين باللغة الإنجليزية و15.6 من المشاركين باللغة العربية اختاروا تحديث وتوضيح سياسات الشركة.
وأكدت نتائج الاستطلاع حالة التأهب العام في معظم الشركات للتفاعل مع موظفيها، وهو ما سبق وتناولناه في الدليل الإرشادي الصادر عن W7Worldwide والمكّون من سبع خطوات لإعداد استراتيجيات التفاعل مع الموظفين.
وكان الدليل الإرشادي -الذي صدر بعنوان “استراتيجيات التفاعل مع الموظفين أزمة كورونا المستجد نموذجا“- قد أكد على أهمية إعداد خطط التواصل الداخلي بصفتها إحدى أهم الخطوات لمواجهة آثار أزمة جائحة كوفيد-19 العالمية، فـ” في أوقات الأزمات على وجه الخصوص، لا يجب أن يكون التواصل من طرف واحدٍ فحسب، فموظفوك يحتاجون إلى فرصة لطرح أسئلتهم؛ لهذا قم بتشجيع الحوار والتفاهم معهم؛ لضمان تعزيز تفاعلهم بالتواصل، ويجب أن يحرص المدراء على الحوار المتزامن بشكل مباشر، ثنائي الطرف، إما عبر المحادثات اليومية، أو البريد الإلكتروني”، وهو جزء مما نصح به التقرير.
كما أشار استطلاع W7Worldwide للاستشارات الاعلامية والاستراتيجية الى أن كثيرين يدركون أهمية الحضور الفاعل للرئيس التنفيذي بصفته عاملًا رئيسًا في خطط الاتصال الداخلي، حيث إن من شأن القيادة الداعمة والمتفهمة خلق التأثير الإيجابي المُخفف لحدة قلق الموظفين على مستقبلهم، وأدائهم، وسلامتهم، وسلامة أسرهم؛ من خلال التواصل البنّاء -خاصة ما يستجد من معلومات-. ويلهم القادة الإيجابيون موظفيهم الذين قد يعانون من حالات اليأس؛ بالمساهمة في تخفيف أي شكوك أو توتر قد يعانون منها.
وفي أوقات الأزمات مثل هذه التي نمر بها هذه الأيام، لا يوجد أفضل من التواصل الملح والمستمر؛ لزيادة أواصر الترابط بين الموظفين، سواء كان ذلك بمشاركة التحديثات والمستجدات المتعلقة بمواعيد الحظر الجديدة، أو مواعيد فتح المكاتب، أو تبادل النصائح الصحية، أو بالتواصل في اجتماعات الفيديو المتعلقة بالعمل، أو حتى بمشاركة الأنشطة العادية خارج أوقات العمل، مثل: المحادثات (الدردشة)، ومشاركة فنجان قهوة، وتحديات الطبخ، أو نوادي الكتب.. إلخ. فهناك كثير مما يجمع الموظفين، ويزيد أواصر الترابط بينهم حتى حين يعملون عن بُعد بمعزل عن بعضهم.
وبينما يُسلّط الضوء كثيرًا على أهمية التواصل داخل أماكن العمل، لا يتلقّى التواصل الذي يمكن أن يسهم في تقارب الموظفين وزيادة ترابطهم اهتمامًا كافيًّا رغم أهميته. فرغم جداول العمل المزدحمة، من المهم أن يبذل القادة والموظفون الجهد لإبقاء التواصل والتفاعل بينهم من خلال اجتماعات الفيديو الفردية، والمكالمات الهاتفية، ورسائل البريد الإلكتروني، والدردشات وغيرها من الوسائل، وقد أظهرت عدد من الدراسات أن ضعف التواصل المتكرر والفعال يؤدي إلى انخفاض ترابط أعضاء الفريق؛ مما يؤثر على جو العمل، ويجعله مشحونًا، ومليئًا بالضغوطات.