مع استمرار أزمة جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) تستمر آثارها المدمرة على الاقتصاد العالمي. ومثل بقية العالم، لم تكن السعودية بمنأى عن كل هذه التغييرات الاقتصادية، وقد أثّر الحظر الكلي على معظم الشركات – الكبيرة والصغيرة – الذين اضطروا إلى تسريح أعداد كبيرة من الموظفين؛ بسبب قلة النشاط التجاري، وانخفاض المبيعات وما ترتب عليهما من خسائر بالغة، وفي بعض الحالات اضطرت الشركات إلى إيقاف نشاطها التجاري بشكل نهائي. اليوم ومع دخول الأزمة مرحلة جديدة، فإن الرؤساء التنفيذيين وقادة الأعمال يحتاجون إلى اعتماد نهج تفكير أكثر تقدمًا، والاستعداد لتوسيع نطاق العمليات احتياطيًا، والانتقال من الفعل إلى إجراء التغيير على المدى الطويل.
وفي استطلاع أطلقته W7Worldwide مؤخرًا على موقع التواصل الاجتماعي الشهير Twitter طرحت فيه تساؤلاً موجهاً للرؤساء التنفيذيين وقادة الأعمال عن الخطوات التي ينوون اتخاذها لتجاوز المرحلة الثانية من أزمة جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، والتي تعدّ المرحلة الإدارية الفاصلة بين احتواء الأزمة، والتحول نحو التعافي والعودة التدريجية لحياة ما قبل الأزمة.
وضع الاستطلاع الذي طُرح باللغتين العربية والإنجليزية أربعة خيارات للمشتركين على النحو التالي: (التعاون مع القطاع الحكومي، والتخطيط للمستقبل، والشفافية، وكل ما سبق).
ومن مجموع 724 مشاركًا، فإن الغالبية من المشاركين بنسبة 29.9٪ من المصوّتين باللغة الإنجليزية و38.6٪ باللغة العربية اختاروا الخيار الأخير “كل ما سبق”؛ ما يعني أنهم يخططون لمزج مجموعة من الاستراتيجيات لمواجهة العوائق المقبلة، وهي تشمل: التعاون المشترك مع القطاع الحكومي، ووضع خطة تعافي فعالة للشركة، وكذلك إبقاء عملائها وشركائها وأصحاب المصلحة على اطلاع بكل التطورات الجديدة التي تتعلق بالشركة.
وذكر ما نسبته 17.5٪ من المشاركين في الاستطلاع باللغة الإنجليزية و 14.3٪ من المشاركين في الاستطلاع العربي إنهم “سيعملون مع القطاع الحكومي”. وكانت الحكومة السعودية قد خصصت 50 مليار ريال لدعم القطاع الخاص جزءًا من مبادراتها الهادفة إلى تخفيف الآثار الاقتصادية الناجمة عن تفشي الجائحة. وتستهدف هذه المبادرات الحكومية دعم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحديدًا تخفيف أعباء تذبذب التدفقات النقدية ودعم رأس المال العامل لهذا القطاع، وتمكينه من النمو خلال المدة المقبلة، والمساهمة في دعم النمو الاقتصادي، والمحافظة على التوظيف في القطاع الخاص. كما تشمل حزمة من الإجراءات مثل: تأخير المتحصلات من القطاع الخاص والإعفاءات، وتمديد سداد القروض، ودعم الأجور وبرامج حماية الوظائف.
وبينما اختار ما نسبته 28% من المشاركين في الاستطلاع باللغة الإنجليزية و19.3% من المشاركين باللغة العربية خيار (التخطيط للمستقبل)، فإن ما يقارب 24.6% من المستطلعين باللغة الإنجليزية و27.8% من المستطلعين باللغة العربية اختاروا (الشفافية).
وأكدت نتائج الاستطلاع الذي أجرته W7Worldwide استعداد الرؤساء التنفيذيين وقادة الأعمال لاتخاذ إجراءات استباقية لمواجهة الأزمة وأن هذه الإجراءات يمكن أن تختلف من شركة إلى أخرى. كما شدّد الاستطلاع على أهمية القيادة الفعالة لتجاوز هذه المرحلة الشائكة التي تتطلب من الرؤساء التنفيذيين في الشركات/المؤسسات والعلامات التجارية تبني طريقة جديدة لتحفيز الموظفين تتسم بالوعي والتعاطف الإنساني، مع اتخاذ الاجراءات والقرارات الحاسمة التي ستسهم في تعافي الشركة، واستمرار أعمالها.
لقد قلب الوباء حياة الجميع رأساً على عقب، وأحدث آثاراً مدمرة على الاقتصاد وعلى سير الحياة اليومية. وبينما تحاول الشركات فهم المدى الكامل للضرر الناجم عن الأزمة على أعمالهم والخروج منها بأقل قدر ممكن من الخسائر، تجد نفسها مضطرة إلى تطوير طرق مبتكرة لمواجهة التحديات والعوائق الجديدة التي تواجهها. إلا أن الهدف الأساسي لجميع الشركات/المؤسسات والعلامات التجارية يجب أن يركز على حفظ وحماية الأرواح والأرزاق؛ فالقرارات التي يتخذها الرؤساء التنفيذيون وقادة الأعمال الآن سيكون لها تأثير طويل المدى على مستقبل شركاتهم وموظفيهم وعملائهم، مما يوجب عليهم أن يظلوا منفتحين على جميع الاحتمالات، والاستعداد لسيناريوهات أفضل وكذا الاستعداد لأسوأ الحالات، فلا أحد يعرف حقًا متى ستنتهي الأزمة فعلياً.
وتشمل بعض الاتجاهات الرئيسة التي ظهرت في خطط التعافي واستعادة الأعمال: التوجه والاعتماد على التقنية الحديثة، والتركيز على الاستدامة وحماية البيئة، وتعزيز التصنيع المحلي، وزيادة العمل عن بعد، والتركيز على المسؤولية الاجتماعية للشركات.. إلخ.