على الرغم من غزارة ما كتب عن بناء الصورة الذهنية، إلا أن ارتباطها بمجال العلاقات العامة والاتصال كان الأكثر أهمية خلال العقدين الأخيرين؛ لكونها تسهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في إدارة سمعة الشركات / المؤسسات من القطاعين الحكومي والخاص والقطاع الثالث غير الربحي، بل إن دولًا إقليمية ودولية استعانت بشركات متخصصة في العلاقات العامة؛ لإدارة صورتها الذهنية الداخلية أو الخارجية، خاصة أثناء الأزمات السياسية أو الاقتصادية.
وتعد الصورة الذهنية “image” الهدف الأساسي للعلاقات العامة، فهي التي تعكس الواقع، وتحمل المعلومات عنه إلى العقل الإنساني، الذي لا يواجه الواقع مباشرة، وإنما يواجه بطريقة غير مباشرة من خلال التـقديم غير المباشر للواقع.
ووفقاً لمدونة العلاقات العامة المتخصصة التي ابتكرتها W7Worldwide للاستشارات الاستراتيجية والإعلامية، فإن الاهتمام بموضوع الصورة الذهنية تصاعد في المجتمعات والمؤسسات؛ نظراً للقيمة التي تؤديها في تشكيل الآراء، وتكوين الانطباعات الحقيقية نحوها، وخلق السلوك الإيجابي Positive behavior للأفراد تجاه المؤسسة، حيث أصبح تكوين الصورة الطيبة هدفاً تسعى إليه معظم الشركات التي تنشد
النجاح، مدركة أهمية دراسة وقياس الصورة الذهنية الموجودة في أذهان جماهيرها؛ لكي تبني السياسات والاستراتيجيات التي تعنى بتحسين الانطباعات، والمعارف الذهنية للجماهير.
وبرزت أهمية الصورة الذهنية على المستوى الدولي في تهيئة المناخ النفسي الملائم لتحقيق أهداف الدولة، ونجاح سياستها الخارجية، والترويج لأوجه نشاطاتها المختلفة.
ومن المؤكد أن بناء الصورة الذهنية الإيجابية وإدارة السمعة انعكست إيجابياً على المنظمات، واستمر ذلك على سمعة الموظفين اجتماعياً، وأسهم في انتمائهم لها، بل ورفع معنوياتهم، فضلاً عن كسب دعم المجتمع والمؤسسات الحليفة. وتشير بعض الدراسات الأكاديمية إلى أن بناء الصورة الذهنية يعد عملية ثقافية تتطلب رؤية واضحة، وذهناً يستوعب المستجدات، وإدراكاً سليماً للقيم الثابتة والمتغيرة في المجتمع.
وللتأكيد المعرفي، فإن الصورة الذهنية عملية تحتاج وقتًا طويلًا وجهدًا قليلًا، ورؤية واضحة، وعقولًا منفتحة تستطيع أن تحدد المسار الرئيسي، والهدف الأهم؛ ليسهل تحديد هويتها خاصة أوقات الأزمات.
وساهم النموذج ABC Model في رسم مسارات الصورة الذهنية لعدد من الشركات الإقليمية والدولية في قطاعات مختلفة مثل: التأمين، والإسكان، والتكنولوجيا، والتكييف، والتبريد .ومنذ وقت مبكر تنبهت W7Worldwide للاستشارات الاستراتيجية والإعلامية لهذا الجانب الحيوي من الاتصال المؤسسي عبر ابتكار نموذجها الخاص والذي أطلقت عليه اسم ABC Model، ويهدف إلى مساعدة العملاء في تحقيق صورتهم الذهنية الإعلامية بشكل مركَّز، من خلال بناء جسر تواصل فعّال مع جمهورهم المستهدف.
ويقوم النموذج على 3 أركان رئيسية:
وإلى جانب ما ذكر أعلاه، فهناك خطوات مساندة يمكنها المساهمة في رسم خارطة طريق الصورة الذهنية الفاعلة، وهي على سبيل المثال لا الحصر:
1: القراءة التحليلية للوضع الراهن
وتكمن أهمية التقارير التحليلية في دراسة الوضع الراهن للمنشأة على مستوى الإعلام التقليدي والجديد؛ لمعرفة المسار الحالي، ورؤية انطباعات الرأي العام والإعلام عموماً. وتعد هذه الخطوة من الخطوات الرئيسة المساعدة في إعداد استراتيجيات بناء الصورة الذهنية.
2: الاستطلاعات الاستكشافية
ولا يكفي لبناء الصورة الذهنية الإيجابية التركيز فقط على التقارير التحليلية لتبيان الوضع الراهن، بل إن هناك خطوة مساندة أخرى تُعرف بـ “الاستطلاعات الاستكشافية”، وهي غير مفعلة في كثير من خطط بناء الصورة الذهنية، ونعنى بها رصد آراء الرأي العام والمتخصص بطريقة سهلة وسريعة، عبر اختيار العينات العشوائية غير القصدية أو العينات المنتظمة.
3: تخطيط منهجية المحتوى
يخفق عدد من استراتيجيات الصورة الذهنية الإعلامية -رغم بنائها السليم- عند حاجز صناعة المحتوى، وهو ما تعاني منه كثير من شركات/ وكالات العلاقات العامة المحلية والإقليمية والدولية، بحيث لا تتوائم صناعة المحتوى مع الرؤية الاستراتيجية للصورة الذهنية، وبدل أن تكون العلاقة طردية بين الجانبين، تصبح عكسية، ولا نخرج بالنتائج المرجوة.
ختامًا من الجميل المساهمة الإثرائية؛ لبلورة مفهوم (الصورة الذهنية الفاعلة)، وأثرها في عالم العلاقات العامة والاتصال.
TAGS