فرضت تكنولوجيا التحول الرقمي وتقنيات الذكاء الاصطناعي واقعًا جديدًا على حملات العلاقات العامة؛ حيث تساعد على إتمام المهام الأكثر تعقيدًا، وتمكِّن محترفي العلاقات العامة من العمل بكفاءة وفاعلية أكبر، إذ أصبحت أدواتٍ مهمة في الوصول إلى الجمهور المستهدف بشكل أكثر دقة، وتخصيصًا من الطرق التقليدية، وهو ما يعد أساسًا لنجاح أي حملة، وسببًا لتحقيق أهدافها المرجوة.
وتتجه شركات العلاقات العامة والتسويق في المملكة العربية السعودية إلى زيادة الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ للاستفادة من قدرتها الفائقة على تحليل البيانات والمعلومات المتاحة، وصياغة ردود الفعل الآلية للحملات، وكتابة المحتوى المناسب، بالإضافة إلى تحليل استجابة الجمهور، وضمان التفاعل الملائم معهم؛ وهو ما يمكّنها من اتخاذ قرارات فعالة، وتطوير حملاتها بما يتوافق مع احتياجات الجمهور، وتفضيلاتهم، وزيادة انتشارها، وتحسين تجربة العملاء.
وتشير التوقعات إلى أنه بحلول عام 2030، سيسهم الذكاء الاصطناعي بأكثر من 135.2 مليار دولار أمريكي في الاقتصاد السعودي، وهو ما يشكل 12.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مع نمو سنوي متوقع يتراوح بين 20-34% في جميع أنحاء المنطقة، وذلك بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 للتحوّل الرقمي، واهتمامها المتزايد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، ودعم نمو الشركات العاملة في هذا القطاع بالمملكة، مثل: شركة فيس-كي، المتخصصة تقديم حلول تطبيقية آمنة ضمن تقنية التحقق من الهوية بالوجه.
الجمهور والتخصيص
تساعد القدرة الفائقة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وروبوتات الدردشة محترفي العلاقات العامة في استخراج البيانات وتحليلها، وعلى فهم اتجاهات الجمهور، وتفضيلاتهم، وسلوكياتهم، ومن ثَمّ تعزيز فهمهم للتركيبة السكانية المستهدفة؛ مما يمكّنهم من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز التواصل الفعال، وتحقيق النجاح في حملاتهم الدعائية.
ويمكن لتلك التطبيقات إنشاء محتوى واستجابات مخصصة بناءً على تفضيلات الجمهور المستهدف، تتيح لحملات العلاقات العامة أن يتردد صداها مع شرائح الجمهور المتنوعة، وتضمن تجربة مخصصة ومتماسكة عبر المنصات المختلفة.
ولا يساعد هذا المستوى من التخصيص الشركات على تقديم رسائل مناسبة لجمهورها المستهدف فحسب، بل يمكّنها أيضًا من معالجة معظم مخاوف أو استفسارات العملاء أثناء حالات الأزمات، أو توفير تحديثات في الوقت الفعلي، بالإضافة إلى تقديم الإرشادات؛ لتلبية احتياجات مختلف أصحاب المصلحة في جميع الأوقات.
التحليل والتنبؤ
تعد تحليلات البيانات من المصادر المختلفة باستخدام الذكاء الاصطناعي أداة تنبؤية لمحترفي العلاقات العامة، فهي تمكّنهم من توقع ردود فعل الجمهور، وتحديد الاتجاهات الناشئة، والتنبؤ بالتحديات المحتملة، ويمكن استخدام هذه المعلومات لتحسين حملات العلاقات العامة في الوقت الفعلي، وصياغة الرسائل الاستباقية، والاستجابة السريعة للأزمات، ما يسهم في تعزيز قدرة الشركة على إدارة المواقف المتقلبة بفعالية، والتخطيط الجيد للاستراتيجيات والحملات المستقبلية.
بالإضافة إلى ذلك توفّر روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين المدعومة بالذكاء الاصطناعي إمكانية مشاركة الجمهور في الوقت الفعلي؛ مما يثري تجربة العملاء ويحسّنها عمومًا، كما تمتد مساهمة الذكاء الاصطناعي إلى تحليلات الأداء الشاملة لردود العملاء وتفاعلاتهم؛ مما يسمح لفرق العلاقات العامة بتقييم نجاح استراتيجيتهم الشخصية، واتخاذ قرارات مستنيرة، وتطوير حملات أكثر فعالية مع مرور الوقت.
الخصوصية والأمان
على الرغم من فوائد التخصيص القائمة على الذكاء الاصطناعي، واعتماد أنظمته على كميات هائلة من البيانات لإنشاء المحتوى بفعالية، إلا أن على محترفي العلاقات العامة أن يتعاملوا مع اعتبارات خصوصية البيانات بمسؤولية، وإعطاء الأولوية لخصوصية البيانات وأمنها، وأن يدعموا الممارسات الأخلاقية لتعزيز الثقة مع الجمهور.
كما يجب على المؤسسات التأكد من التزامها بلوائح حماية البيانات، وتنفيذ تدابير أمنية قوية؛ لحماية المعلومات الشخصية التي تستخدمها أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل: روبوتات الدردشة، والمساعدين الافتراضيين، فمن الضروري التأكد من التعامل مع بيانات العملاء بشكل آمن، وتشفير المعلومات الحساسة.
وأخيرًا، فإن الذكاء الاصطناعي يعد عاملًا حاسمًا في تحقيق نجاح العلاقات العامة، إذ يمكنه تحليل البيانات والاستجابات الخاصة بالجمهور، والتخصيص، والأتمتة، وتقديم الاقتراحات والتحسينات المناسبة للعلاقات العامة؛ مما يسهم في تحسين أداء الشركات وتعزيز سمعتها، ومع ذلك، من الضروري تحقيق التوازن بين التكنولوجيا والتدخل البشري؛ لضمان التواصل الأخلاقي، والأصيل، والهادف مع الجمهور.
TAGS