تهتم الشركات حالياً بصناعة المحتوى أكثر من السابق، ومع ذلك فإن الكثير من هذا المحتوى قلما يحظى بأي اهتمام أو تفاعل من الجمهور المستهدف، ناهيك عن تحقيق أي أهداف مطلوبة. فإذا ما حاولنا استكشاف الاسباب وراء ضعف المحتوى وفشله نجد أن أهم مسبب هو عدم وجود استراتيجية قوية لصناعة المحتوى تضمن إنتاج وتنسيق محتوى ملائم يتماشى مع أهداف الشركة.
وفقًا لإستطلاع صادر من Content Marketing Institute، ما يقارب 77٪ من الشركات التي تقدّم خدماتها للأفراد (B2C)، و 70٪ من الشركات التي تقدّم خدماتها للشركات (B2C) أكدّت عن زيادة ملحوظة تصل للضعف في صناعة محتواها مقارنة بالعام الماضي. ومع ذلك فإن 37٪ فقط من شركات الـ(B2C) و32٪ من شركات الـ(B2B) لديها إستراتيجية واضحة للمحتوى.
وللتمكّن من صناعة محتوى ناجح، تحتاج الشركات أولاً إلى إستراتيجية محددة تعكس رؤية وأهداف الشركة، ثانياً الى خطة واضحة للاستفادة من الموارد المتاحة اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، وأخيرًا آلية دقيقة لقياس مدى نجاح المحتوى. وجود استراتيجية محددة ومصاغة باهتمام أثبتت فعالية واضحة في تحسين عملية صناعة المحتوى بدرجة كبيرة.
أي استراتيجية ناجحة لصناعة المحتوى تشتمل على دراسة دقيقة لجميع المتغيرات مثل الميزانية المطلوبة، ونوع المنصات التي ستستخدم في النشر، والمدة بين نشر المحتوى والآخر الخ. كل هذه العوامل ستنعكس في نهاية المطاف في صناعة محتوى هادف يضيف قيمة للشركة.
في هذه التدوينة، نستعرض أساسيات صناعة المحتوى عبر ابراز مجموعة من الأنشطة التي يجب على صانعي المحتوى المحترفين وضعها في الاعتبار:
تحديد الأهداف
ماذا الذي تريد أن تحققه عبر محتواك؟ كم ستكلف صناعة المحتوى؟ وكم من الوقت ستستغرق؟ هذه هي الأسئلة التي تحتاج إلى طرحها قبل الشروع في صناعة المحتوى أو صياغة الاستراتيجية. بالنسبة لأي شركة ربحية، تعتبر المنافسة والأرباح من العوامل الرئيسية التي تؤثر على جميع جوانب العمليات الأخرى. يمكن أن تستمر هذه الأهداف في الاتساع وفقًا لأداء الشركة والميزانية والظروف الخارجية والداخلية. من حيث زيادة المبيعات إلى اكتساب المزيد من اسهم السوق أو زيادة تصنيف الموافقة أو إطلاق منتج جديد، ويمكن أن تركّز استراتيجية صناعة المحتوى على هدف واحد أو على جميعها في وقت واحد سواءاً كان زيادة المبيعاة أو زيادة الحصة السوقية أو تعزيز التقييمات الايجابية أو اطلاق منتج جديد. أفضل بداية لتحديد الأهداف المناسبة يكون بإجراء التحليل الرباعي (SWOT) الذي يساعد في تحديد نقاط القوة والضعف في الشركة بالإضافة إلى الفرص والتحديات التي تواجهها.
بناء الأفكار الرئيسية
تحتاج الشركات الى تحديد الأفكار الأساسية التي ترغب في مشاركتها مع الجمهور المستهدف، بدايةً بتحديد النقاط الرئيسية التي تريد ايصالها إلى العملاء وأصحاب المصلحة – مثلا هل ترغب في تقديم منتج جديد أو تسليط الضوء على جهود المسؤولية الاجتماعية في الشركة أو ربما صياغة محتوى عن العلامة التجارية وتأسيسها أو عن المجال/القطاع ومشاركة الخبرات – بشكل عام ، من المهم أن يعكس المحتوى معلومات مثل (ما هي العلامة التجارية وماذا تبيع وما الذي يميزها عن منافسيها) على أن يتم تقديمها بطريقة متناسقة وبشفافية عالية لتسهم في بناء ثقة الجمهور بالعلامة التجارية.
توظيف المواهب المناسبة
أحد أهم الاستثمارات التي تقوم بها الشركات والعلامات التجارية يكمن في جذبها للموظفين المؤهلين وذوي الخبرة لتنفيذ الاستراتيجية. فالموظفون المؤهلون سيسهمون في البحث وتقديم المعلومات المناسبة عن التركيبة السكانية للجمهور المستهدف واهتماماتهم وعادات الشراء وكيفية قراءتهم للمحتوى، كما أن المواهب الإبداعية ضرورية لإعداد محتوى يلامس الاحتياجات والاهتمامات الفريدة للجمهور المستهدف. إذا لم يكن المحتوى جذابًا بدرجة كافية ، فسيختفي وسط المحتوى الوفير المتاح عبر الإنترنت. وهناك عدة طرق لزيادة التفاعل، بما في ذلك استخدام منصات الوسائط المتعددة، والتواصل مع العملاء على منصات التواصل الاجتماعي واللجوء للشخصيات المؤثرة بالاضافة الى الاستفادة من البيانات التي يمكن استخلاصها من أدوات التسويق مثل تحليلات جوجل (Google Analytics)، وأيضاً بمتابعة التوجهات والترندات الجديدة مثل القضايا الحالية والاهتمامات الحديثة لجيل الألفية الخ، ولكي يتم كل هذا، لا بد من وجود فريق موهوب يتمتع بالإبداع والوعي الاجتماعي والدهاء التكنولوجي مع خبرة في التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فن سرد القصص
كل علامة تجارية لها قصتها التي تروي تأسيسها وتاريخها ومحطاتها الأبرز مما يمكن أن يجذب انتباه وتفاعل الجمهور المستهدف. صناعة المحتوى، في جوهره، هو احتراف فن سرد القصص، ومختصو العلاقات العامة هم خبراء في هذا الفن.
ولا تكمن أهمية سرد القصص، خاصة في صناعة المحتوى، في قدرته على جذب انتباه الجمهور المستهدف فقط، بل أيضاً في قدرته على التأثير في تفكيرهم وسلوكهم وعاداتهم، وسهولة ايصال المعلومات التقنية المتخصصة بطريقة مبسطة مما يسهم في بناء وتعزيز صورة العلامة التجارية. ويعد إشراك جمهور اليوم المهتم بالتقنية في عملية سرد القصة أمرًا أساسيًا ، خاصة أنهم يقضون وقتًا أطول في تصفح الإنترنت أكثر من القراءة. لهذا من المهم الحرص على صياغة القصص بعناية شديدة وتقديمها بطرق مبتكرة، بما في ذلك استخدام المقاطع المرئية والرسوم البيانية والصور المتحركة لإحداث التأثير المطلوب، وزيادة صيت العلامة التجارية ووعي الجمهور بها.
قياس النجاح
كيف تحدد النجاح في إنشاء المحتوى؟ الاجابة الصحيحة على هذا السؤال تعتمد على الأهداف الأساسية من وراء صناعة المحتوى. ومن المهم أن نفهم أن وضع آلية لقياس مدى فعالية محتواك من أهم أساسيات بناء الاستراتيجية، إذ بدونه سيصبح من المستحيل عمليًا معرفة ما إذا كان المحتوى قد نجح وتحققت أهدافه أم لا، مما يعني إهدار الموارد والوقت والطاقة البشرية على عملية قد لا تعود بأي نفع على العلامة التجارية.
هناك العديد من أدوات تسويق المحتوى عبر الإنترنت والتي يمكن أن تساعد في تتبع أداء المحتوى. على سبيل المثال، أداة تحليلات جوجل المجانية (Google Analytics) تقوم بقياس معدل الارتداد (Bounce Rate) ومدة زيارة الموقع ومتوسط قراءة المحتوى لكل زيارة والنسبة المئوية للزائرين ومعدل تكرر الزيارات ومعدل تفاعل الجمهور المستهدف.
على الرغم من أن أهداف وخطط العمل ستختلف من علامة تجارية للأخرى، إلا أن أساسيات بناء استراتيجية صناعة المحتوى لا تتغير واذا ما تم تنفيذها بالشكل الصحيح، ستسهم في صياغة إستراتيجية فريدة من نوعها لصناعة محتوى فعال يحقق أهدافه.
TAGS