بناء علاقات قوية قائمة على الثقة بين أفراد الفريق الواحد قد يبدو سهلاً من حيث المبدأ، لكنه في الواقع تحدي صعب. خاصة وأن الثقة تشكل أساس كل العلاقات والتفاعلات الانسانية، سواءا كانت مهنية أو شخصية.
لكن لا يمكن للعمل الجماعي أن ينجح بدون وجود رابط قوي بالثقة يجمع أفراد الفريق، وقد ثبت أن الشركات التي يسودها جو من الثقة والانسجام بين موظفيها أقدر على مواجهة الأزمات والعواصف التي يمكن أن تهددها وفي تحقيق أهدافها على ضوء رؤيتها.
أما الشركات التي تحوي ببيئات عمل يسودها بقدر أقل من الثقة والانسجام بين أفراد الفريق فإنها كثيراً ما تكون عرضة للمشاكل مما يؤدي في نهاية المطاف الى خلق ثقافة سلبية داخل الشركة تظهر آثارها في الأداء العام الضعيف للموظفين وانتشار مشاعر التوتر والإجهاد بالاضافة الى الخلافات الكثيرة والى ضعف مشاعر الولاء للشركة.
لكن بناء الثقة بحد ذاته عمل مجهد ويتطّلب وقتاً، وكثيراً ما يقع على عاتق القائد مهمة تعزيزها بين أفراد الفريق وتحيّن المناسبات لجمعهم وزيادة تآلفهم. لكن هناك عدة نقاط يتعيّن عليه أن يفهمها اذا ما أراد الوصول لنتائج مضمونة، أولها أنه لا يمكن لأحد الوثوق بمن لا يراه مؤهلاَ بما فيه الكفاية لأداء عمله. إذ يعتمد نجاح العمل الجماعي على قيام كل عضو بدوره بأكبر قدر ممكن من الاحترافية، لكن اذا كان هناك عضو في الفريق غير كفء أو لا يشعر أفراد الفريق أنه يمكنهم الاعتماد عليه أو يضطرون باستمرار لتخمين تصرفاته والتعامل مع مبرراته، فإن هذا يسبب شرخاً كبيراً في جدار الثقة بين أفراد الفريق الواحد.
الإنصاف والمساواة بين أفراد الفريق أيضا عامل آخر يلعب دوراً محورياً في بناء الثقة بينهم. فإذا كان أحد أعضاء الفريق أعلى رتبة من البقية، يمكن للفريق أن ينتج ويستمر في تحقيق نتائج عالية، لكن اذا كان هذا العضو ذو الرتبة الأعلى يسئ استخدام سلطته ويتعالى على بقية زملاءه دون أن يخشى ردة فعل سلبية من الإدارة فإن الثقة لا يمكن أن تنشأ بين أفراد الفريق. وأيضاً اذا كان بعض الأعضاء محملين بمسؤوليات وأعباء أكثر ومضطرين لبذل جهد أكبر من زملاءهم في الفريق رغم تساوي الرتبة، تصبح خلق الثقة بينهم في غاية الصعوبة.
ويظل بناء الثقة والحفاظ عليها بين أفراد الفريق الواحد في الأساس مسؤولية قائدهم. ويمكن لتبني عدداً من الاستراتيجيات الإدارية أن تحقق نفعا كبيراً له في هذا الاتجاه. مثل تعزيز شعور كل عضو بالمسؤولية تجاه مسؤولياته اليومية، واعطاءهم فرصة لاتخاذ القرارات ووضع مقترحاتهم التي يعتقدون أنها يمكن أن تفيد سير العمل، وكلما كانت القيادة/الادارة أكثر انفتاحاً وشفافية مع فريق العمل كلما ساهمت في تعزيز الحفاظ على الثقة بين أعضاء الفريق.
وبالمثل، يجدر بأعضاء الفريق أن يفهموا نقاط القوة والضعف لكل فرد منهم ليكونوا أقدر على مساعدة ودعم بعضهم البعض عند الحاجة. وهذه نقطة مهمة، إذ أنه لتكوين فريق موحد يعمل بانسجام تام، يجب أن يحترم جميع أعضاء الفريق بعضهم البعض وأن يكونوا على استعداد للتفاعل والتواصل لصنع تعاون حقيقي.
حين يسود جو الثقة والانسجام بين الجميع، بالاضافة الى القدرة على التواصل بشفافية، والالتزام برسالة وأهداف الفريق، فإن هذا يضعهم في مكانة أفضل للتركيز على العمل، والإبداع، والابتكار، بما يحقق النجاح الذي يتطّلعون إليه.
TAGS