<

أفرز التطور الحاصل في مجال “العلاقات العامة” إلى تعدد مساراته المهنية وتزايد تأثيراته في العالم المعاصر بدرجة كبيرة، لكن هذا التأثير شابه في المقابل بعض “الأفكار المغلوطة” أو يمكن الاصطلاح عليه بـ”الخرافات” التي وضعته في مستويات تصنيف لا تمت إليه بصلة لا من قريب أو بعيد، والتي شكلتها وجذرتها بعض الممارسات الخاطئة والربط بينها وبين التسويق.. إليك تلك الأخطاء بالترتيب:

الفكرة الأولى: العلاقات العامة هي الإعلان المدفوع.

تسهم العلاقات العامة، وكذلك الإعلانات على إبراز العلامة التجارية، وهذه هي الفكرة المشتركة بينهما، وهما تكامليّان فقد يكون الإعلان جزءًا من استراتيجية العلاقات العامة، إلا أن الإعلانات تفترق عن العلاقات العامة في كونها تنتهج أسلوب (الدفع لإبراز العلامة التجارية)، كالدفع لصحيفة ما لوضع إعلان يُظهِر العلامة التجارية، أما العلاقات العامة فلها استراتيجيات وأسلوبٌ يسعى لإعداد حملة شاملةٍ تستهدف التعريف بالعلامة التجارية، وتسويقها، وإيصالها إلى الجمهور المستهدف؛ بما يضمن ظهورًا قويًّا وموثوقًا، فعلاقة مسؤول العلاقات العامة تظهر جليّةً في سعة اتصالاته مع الإعلام، أو في قوّة الخبر، مما يتيح له نشر خبرٍ عن العلامة التجارية في عدد كبيرٍ من وسائل الإعلام، وهذا النشر قد لا يأتي مدفوعًا بالضرورة؛ فهناك عوامل أخرى تكتنف إبراز العلامة التجارية، وإبراز الصور الذهنية للشركة في العلاقات العامة؛ وهو ما يجعل مصداقيتها أعلى من الإعلان.

الفكرة الثانية: تنحصر العلاقات العامة في الأخبار والمؤتمرات الصحفية فقط!

على الرغم من كون الأخبار والمؤتمرات الصحفيّة جزءًا مهمًّا من العلاقات العامة، إلا أنها تشكّل مرحلةً من مراحل الحملات والأحداث الكبرى التي تنظّمها العلاقات العامة، وهي لا تُقام بلا تخطيط؛ فكثرتها تقُلّل من اهتمام الجمهور بخدمتك أو علامتك التجاريّة خاصةً مع وجود الإعلام الرقميّ، وانتقال التواصل مع الجماهير لمنصّات كبرى على الإنترنت مثل: اليوتيوب وتويتر وإنستقرام، خُذ مثالًا لأكبر العلامات التجارية حول العالم، فهي تُقيم مؤتمرات في أوقات محددة في السنة، وتعمل على الصورة الذهنية طوال أوقات السنة من مختلف وسائل التواصل الرقميّ.

الفكرة الثالثة: الصدى المنتشر للخبر أو المقطع أو العلامة كافٍ مرةً واحدة!

يتشابه هدف العلاقات العامة مع الرسم البيانيّ لتخطيط القلب، فقد تصل لأعلى المؤشر مع حملة ناجحة، أو قد يحظى خبرٌ ما بتغطية قوية لكن هذا غير كافٍ لبناء صورة ذهنية ناجحة متكاملة لشركتك، تسعى العلاقات العامة إلى الحفاظ على معدل المؤشر متحركًا غير جامد طوال الوقت لا مرةً واحدة، ويخطئ كثيرٌ من العملاء بالسعي إلى ما يُشبه وضع البيض كله في سلةٍ واحدة، فيؤمن أن انتشار المقطع  أو الخبر مرةً واحدة لمئات الآلاف من الأشخاص أو الجهات كافٍ للتعريف بعلامته التجارية، أو خدمته، أو أن الانتشار الواسع السريع هو كل ما يتطلبه ليقول إنه استخدم استراتيجيات العلاقات العامة، والحقيقة إنه قد يصل لأعلى المؤشر لكنه قد يهبط فورًا لجمودٍ سريع؛ لالتفات الجمهور إلى مقطع أو خبر منتشرٍ كالنار في الهشيم أيضًا، وعليه السعي لمواصلة بناء وتعزيز العلامة التجارية، والتواصل مع الجمهور طوال الوقت.

باختصار: لا تتكاسل بعد نجاحٍ واحد.

الفكرة الرابعة: تعلّمك بعض الأدوات والطرق السهلة سيجعلك مختصًا في العلاقات العامة.

قيل: أعطِ الخبز للخبّاز، إن من أهم أسباب فشل بعض مهام العلاقات العامة هو إدارتها من غير المختصين.

يظن بعضهم أن وكالات العلاقات العامة يُمكن تطبيق مهاراتها بسهولةٍ من خلال الحفلات، أو الموائد التي تضم أهم وسائل الإعلام، أو الهدايا المقدّمة إليهم للوصول إلى بناء قاعدة معرفيّة للعلاقات العامة، وعلى ذلك يُخطؤون الظن بأنه عمل يصلح بسهولة لغير المختص وأن بعض الطرق أو الأدوات كافية لاحتراف العلاقات العامة، لكن وكلات العلاقات العامة تبذل جهدًا غير يسير واستراتيجيات تتبعها، ورسائل توضح وتوصل رؤية الوكالة للجمهور، وتعرّف بأهدافها، وخدماتها، وإنجازاتها، وأهم عملائها. وهو يتضمّن كذلك كونها تأتي بأفكار جديدة، أو ذكاءها في الوصول إلى الجمهور المستهدف، والتعامل مع التقنيات الجديدة، إن الدفع لإعلان واحد قد يكلفك ميزانية عام كاملٍ مدفوعة للعلاقات العامة، بالإضافة لوجود احتمالية النجاح أو الفشل في المرة الواحدة، وهنا تمتاز العلاقات العامة بأنك لا تتحدّث عن نفسك، أنت تجعل غيرك يقول إن منتجك، أو علامتك التجارية جيّد، وهو ما سيحتاج مختصًّا في العلاقات العامة للحديث عنك، والوصول لجمهورك؛ ولذا يفضّل أن تكون بأيدٍ مختصة بالعلاقات العامة.

الفكرة الخامسة: تحتاج للذهاب لوكالة علاقات عامة عندما تحدث كارثة أو مشكلة أوأزمة لا غير.

هذا خطأ فادح جدًا؛ لأن إستراتيجيات العلاقات العامة مبنية على التعريف بالخدمات والمنتجات قبل وأثناء طرحه وبعده.

تمر العلامات التجارية، والمنشآت بمشاكل، وأزمات خلال تاريخها، وينتهج بعض العملاء أسلوب (دعنا نحل الأزمة فقط) ثم لا يواصل العمل على الصورة الذهنية أو إبراز العلامة التجارية، فمن المهم أن تبدأ قبل الأزمات، فتبني السمعة الإيجابية، والثقة بالمنتج، والصورة الذهنية، وتصل لجمهورك، وهو يحتاج لوقتٍ طويلٍ وجهدٍ ليؤتي ثماره بتفادي الأزمات، أو التقليل من أثرها بحديث الجمهور عن المنتج أو العلامة، أما حين يتوجّه العميل إلى العلاقات العامة في الأزمات فإن هدف مختص العلاقات العامة سيتمركز في احتواء الأزمة نفسها؛ لعدم وجود أساس يُبنى عليه ابتداءً.

الخلاصة: لا تتساوى كبوات الجياد، فلا تبدأ أنشطة العلاقات العامة بعد فوات الأوان.

الفكرة السادسة: العلاقات العامة تلّمع صورة المنتجات السيئة، أما المنتجات القوية فلا تحتاجها!

تخيّل أشهر مطعم في منطقتك، والذي يكفي (اسمه) للتعريف بقوة المنتج، أو انتشاره، قد تظن أنه لا يحتاج للعلاقات العامة في الوصول للجمهور، وأن العلاقات العامة تلمّع فقط صورة العلامات التجارية أو المنتجات السيئة، وهذا خطأ ممن يظن ذلك من بعض أصحاب العلامات التجارية الجيدة؛ فهم يحتاجونها لإظهار مواطن قوة منتجاتهم ومزاياها.

تُساوي العلاقات العامة في تعاملها بين جميع المنتجات؛ ما ينتج عنه إيصال رسائل الشركة أو المنتج للجماهير، وهي توصل تلك الصورة بنجاح، حتى لبعض المنتجات السيئة، وتظهرها كأنها أفضل الخيارات، لكن هذا لن يفيد على المدى البعيد؛ لأن تجربة الجمهور ستحكم على جودة المنتج، ولن يدوم أثر تلميع الصورة لمنتج سيء، وسيفقد الجمهور ثقتهم بترويجك القادم للمنتجات وإن كانت جيدة، وبذا يؤثر عدم الالتزام بأخلاقيات العلاقات العامة سلبًا على نتائجك.

الفكرة السابعة: لا قيمة تجارية حقيقيّة لنجاح العلاقات العامة

يُقاس نجاح القيمة في العلاقات العامة بشكلٍ يختلف عمّا نتصوّره، فلا يُقاس بإحصائيات مبيعات ما بعد حملة العلاقات العامة، أو عدد النقرات على الروابط، أو عدد الإعجابات، أو النشر للخبر وتغطياته، أو المنتج، كل ذلك لا يعد مقياسًا لنجاح الحملة في العلاقات العامة؛ لأنها تستهدف قدر الإمكان استغلال الموارد بأفضل صورة تتجنّب الدفع المكثّف للإعلانات، ما يجعل قيمة العلاقات العامة الفعليّة أعلى بثلاث مراتٍ من قيمة الإعلانات. وتمتاز العلاقات العامة بتعدد طرق قياس مدى فعالية حملة العلاقات العامة، وانتشارها، وتحقيق أهدافها المستقبلية..

الفكرة الثامنة: تتحكّم العلاقات العامة بوسائل الإعلام

إنّ قول أحدهم لك: (سأوفّر لك مليون متابع، وسأوثّق مكانتك في عالم العلاقات العامة) هو قولٌ قد يضلّل فهمك لارتباط العلاقات العامة بوسائل الإعلام، فعادةً تمرّ الأخبار الصحفيّة مثلًا بمراحل يقوم فيها الإعلام بتقييم ما يُقدّم من وكالات العلاقات العامة، وقد لا تُنشر بعضها، فللإعلام اليد العليا في التحكّم بما يُنشر فيه، وعمل ممارس العلاقات العامة يرتبط بالإعلام في كيفية التواصل وبناء العلاقات مع الصحفيّين، وإيجاد التوازن بين ما يريد العميل نشره وما يقبل به المحرر؛ ما ييسّر قبول ونشر الأخبار المتعلقة بالمنتج أو العلامة التجارية بصورةٍ غير مكلفة كثيرًا.

الفكرة التاسعة: وسائل الإعلام التقليدية والعلاقات العامة لا تواكب المستجدات ولا تتطوّر.

نظنّ أن الصحف، أو التلفاز، أو الراديو، أو أي وسيلة تقليدية قد عفا عليها الزمن ولم تعد لها قيمتها القوية في الوصول للجماهير، والحقيقة إنها حاضرة ومتطوّرة بطرقٍ أخرى، فستجد لبعض الجرائد حضورًا رقميًّا وإلكترونيًّا قويًّا، وكذا حال العلاقات العامة، والتي مرّت بثورة تقنيّة لتصبح رقميّةً تواكب العصر، وتصل للجمهور بكل الوسائل التي تشدّه، ولها صلة ببيئة وسائل التواصل الاجتماعيّ، وهي في تطوّر مستمر متزامنٍ مع مستجدات العصر، وظروفه، واستجابتها فوريّة.

الفكرة العاشرة: العلاقات العامة لا تحقق مبيعات.

للوهلة الأولى قد يظنّ أحدهم أن العلاقات العامة لا تجعل الناس يشترون منتجك، أو يجرّبون خدمتك، أو لا ترفع عدد عملائك فور الحملة الإعلامية، عليك أن تعرف ممّا سبق أن العلاقات العامة تحتاج وقتًا لتظهر نتائجها، وأن تركيزها لا ينحصر في تحقيق المبيعات، بل على بناء الصورة الذهنية، والسمعة الإيجابية، والوصول باسم الشركة أو المنتج إلى أذهان الجماهير، وعلى عكس الأهداف ذات المدى القصير في الإعلانات والتي تستهدف تحقيق مبيعات لمدة زمنية محددة كأشهرٍ أو بضع سنوات، فإن العلاقات العامة تستهدف بقاء المنتج حيًّا في الأذهان لأطول مدة ممكنة، كما تُحاول التعريف بكل ما يتعلّق بها؛ ما يسهّل تداول اسمها والتعرّف عليها عند الناس، فكّر في شركاتٍ لا تحتاج إلى القراءة عنها عند شراء المنتجات؛ ستجد أنها وصلت لهذا الهدف بعد سنواتٍ من الجهد والوصول للجماهير.

TAGS

 

 

Default Comment (0) Facebook Comment ()

Your email address will not be published.

[wpdevart_facebook_comment curent_url="http://developers.facebook.com/docs/plugins/comments/" order_type="social" title_text_color="#000000" title_text_font_size="22" title_text_font_famely="monospace" title_text_position="left" width="100%" bg_color="#d4d4d4" animation_effect="random" count_of_comments="2" ]